ما ينقص المسلمين هي الرحمة بينهم
أيها الأخوة، النبي عليه الصلاة والسلام حينما فتح مكة، وأحاطت سيوف جنوده بأطراف مكة، هذه المدينة التي أخرجته، وآذته، وحاربته ثلاثة حروب، ونكلت بأصحابه وقتلتهم، مصير هؤلاء بكلمة ينطقها النبي عليه الصلاة والسلام، سألهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا: أخ كريم وابن أخ كريم، قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، دليل الرحمة، ومجتمع اليوم تنقصه الرحمة، هناك قسوة بالغة، أي إنسان قد ينفق في اليوم مئة ألف ويعطي الموظف مبلغاً لا يكفيه أياماً عدة: ويدعي أنه رضي بهذا المبلغ، هو رضي من الفقر، هل يمكن أن تتدبر أمرك بهذا المبلغ؟ لذلك أكبر شيء نفتقده الآن أن يرحم بعضنا بعضاً.
أيها الأخوة الكرام، ينبغي أن تعلموا يقيناً أن النبي عليه الصلاة والسلام حينما قال:
(( هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ ))
[ البخاري عن سهل بن سعد]
أحد أكبر أسباب النصر والغنى هذا الضعيف، يمكن أن تسحقه، يمكن أن تهينه، يمكن أن تجيعه، يمكن أن تعطيه مبلغاً لا يكفيه أياماً وهو يقبل من شدة الفقر، هذا الضعيف إذا أطعمته إن كان جائعاً، كسوته إن كان عارياً، علمته إن كان جاهلاً، زوجته إن كان أعزباً، آويته إن كان مشرداً، عالجته إن كان مريضاً، هو ضعيف لا يستطيع أن ينطق بكلمة، والله حدثني أخ طبيب أكن له احتراماً كبيراً قال: والله أذهب إلى المستشفيات العامة، كل روادها من الفقراء، والله لا أحد يستطيع أن يناقشك لو أسأت إليه، يقول لي: والله أنا أعتني بهؤلاء كما أنني بأكبر مستشفى، بأرقى مستشفى، تقرباً إلى الله، وأنا في جنة، هذا المريض الفقير تستطيع أن تقول له: مرضك ليس له شفاء، تستطيع أن تتكلم معه بأقسى لغة، ممكن أن تهمله إهمالاً كلياً، أما إذا ذهبت إلى مستشفى كل المرضى من الطبقة الأولى تعتني عناية تفوق حدّ الخيال، تخاف على مكانتك، على سمعتك، أنت حينما تذهب إلى تلك المستشفى العامة، وتعتني بالمريض، لأنه عبد لله، الله عز وجل يتجلى عليك بالرحمة.