أن سيدنا عمر - رضي الله عن عمر- جاءه رجلٌ يشكو عقوق ولده ، فماذا فعل سيدنا عمر ؟ أحضر الولد ، وأنَّبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه ، فقال الوَلَد : يا أمير المؤمنين أليس للولد حقٌ على أبيه ؟ قال : بلى . قال : فما هي هذه الحقوق يا أمير المؤمنين ؟ فقال سيدنا عمر : إنه على الأب أن يحسن انتقاء أمه - هذا أول حق - وأن يحسن اسمه ، وأن يعلمه الكتاب - أي القرآن - فقال الولد : يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك ، أما أمي فإنها زنجيةٌ كانت لمجوسي ، وقد سمَّاني جعلاً - أي خنفساء - ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحداً . فالتفت عمر إلى الرجل وعنفه قائلاً : يا هذا لقد جئتني تشكو عقوق ابنك ، وقد عققته قبل أن يَعُقَّك ، وأسأت إليه قبل أن يُسيء إليك .
معاوية بن أبي سفيان غضب مرةً على ابنه يزيد ، فأرسل إلى الأحنف بن قيس يسأله عن رأيه في البنين ؟ والأحنف بن قيس من التابعين الذي إذا علم أن الماء يفسد مروءته ما شربه ، كان إذا غضب غضب لغضبته مئة ألف سيف ، لا يسألونه فيما غضب ، كان من كبار التابعين قال الأحنف : " يا أمير المؤمنين هم ثمار قلوبنا - تذكروا هذا القول : هم -الأولاد - ثمار قلوبنا - وعماد ظهورنا ، ونحن لهم أرضٌ ذليلة ، وسماءٌ ظليلة ، فإن طلبوا فأعطهم ، وإن غضبوا فأرضهم ، فإنهم يمنحونَك ودَّهم ، ويحبونك جُهدهم - أي إذا أثمرت معاملة الأب لأولاده محبةً في قلوبهم له ، وخدمةً في عضلاتهم له ، فقد نجح في تربيته إياهم- ولا تكن عليهم ثقيلاً فيملّوا حياتك ويتمنّوا وفاتك " .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ لا زلنا في البيت المسلم ، لأن البيت المسلم هو عماد المجتمع المسلم ، الأسرة لبنةٌ أولى في المجتمع إذا صلحت صلح المجتمع ، وإذا فسدت فسد المجتمع .
أيها الأخوة المؤمنون ؛ حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم ، واعلموا أن مَلَك الموت قد تخطانا إلى غيرنا وسيتخطى غيرنا إلينا فلنتخذ حذرنا ، الكيِّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت ، والعاجز من أتبع نفسه هواها ، وتمنى على الله الأماني .
والحمد لله رب العالمين