أيها الأخوة الكرام، مع "آيات الأحكام"، ومع الدرس الثاني عشر، والآية اليوم خطبة المرأة واستحقاق المهر، قال تعالى:
﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾
[سورة البقرة: 235]
أيها الأخوة الكرام: لا جناح عليكم، أي لا لوم عليكم، ولا إثم عليكم، وليس عليكم شيء فيما فعلتم، ولا جناح عليكم فيما عرضتم، التعريض هو الإيماء والتلويح من غير كشف وإظهار، وهو أن تُفهم المخاطب بما تريد بإشارة من دون تصريح، وهو مأخوذ من عرض الشيء أي جانبه .
أراد معاوية ابن أبي سفيان مرة أن يأخذ البيعة لابنه يزيد، فجمع كبراء القوم وطلب منهم أن يتحدثوا عن يزيد، أكثرهم أثنى على يزيد إرضاء لمعاوية، فيهم تابعي جليل اسمه الأحنف بن قيس، هذا التابعي الجليل بقي صامتاً، فأحرج الحاضرين بهذا الصمت وأربك المجلس، قال له معاوية: تكلم يا أحنف، فقال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فكان تلميحاً وتعريضاً أبلغ من التصريح، فالإنسان يستطيع أحياناً أن يعبر عن أدق أفكاره تلميحاً و تعريضاً لا تصريحاً، وهذا من البلاغة.