ملتقى منطقة القصيم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


نرحب بانضمامكم والمشاركة في اقسام المنتدى
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

  الداعية الناطق والداعية الصامت

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
انور زياية

انور زياية


عدد المساهمات : 704
تاريخ التسجيل : 23/03/2016
العمر : 35

 الداعية الناطق والداعية الصامت Empty
مُساهمةموضوع: الداعية الناطق والداعية الصامت    الداعية الناطق والداعية الصامت I_icon_minitimeالخميس مارس 24, 2016 5:59 am

الداعية الناطق والداعية الصامت

 

أ . د / صالح بن علي أبو عرَّاد
@abuarrad
أستاذ التربية الإسلامية بكلية التربية في جامعة الملك خالد


الحمد لله الذي قال في كتابه العزيز : } وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ { ( سورة فُصلت : 33 ) . والصلاة والسلام على أفضل من دعا إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة في كل وقتٍ وحين ، نبينا محمدٍ بن عبد الله الصادق الأمين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، أما بعد :

فإن الدعوة إلى الله تعالى فريضةٌ عظيمةٌ ، وشرفٌ كبيرٌ لا يناله إلا من وفقه الله تعالى لذلك ، وهي من أوجب الفرائض التي خص الله تعالى بها الأنبياء والرسل الكرام عليهم أفضل الصلاة وأتم السلام ، وجعلها من بعدهم مُهمة ورسالة التابعين لهم والآخذين بمنهجهم ، الذين عليهم أن يُبلغوا دين الله تعالى لبني البشر في كل زمانٍ ومكان إلى قيام الساعة ، تحقيقًا لقوله عز وجل : } قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ { ( سورة يوسف : الآية رقم 108 ) . 

وليس هذا فحسب ، فالدعوة إلى الله تعالى تُمثل عماد الخيرية التي وصف الله تعالى بها الأُمة المسلمة في قوله تعالى : } كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ { ( سورة آل عمران : من الآية 110 ) . وعن طريق الدعوة إلى الله تعالى تحمل الأمة رسالة الإسلام الخالدة إلى مشارق الأرض ومغاربها صافيةً نقيةً لتُخرج الناس من الظُلمات إلى النور ، ولتهديهم طريق الحق وسبيل النجاة في الدارين .

ومن المعلوم بالضرورة أن حقيقة الدعوة إلى الله تعالى واحدةٌ لا يتغير جوهرها في أي زمانٍ أو مكان ؛ إلاّ أن كيفياتها وطرائقها وأساليبها ووسائلها وأدواتها تختلف وتتنوع تبعًا لاختلاف الظروف والحالات والمواقف ، ووفقًا لتداعيات الزمان والمكان ونحو ذلك مما هو قابلٌ للتغير والتغيير .


أما العنصر الرئيس في مهمة الدعوة إلى الله تعالى فهو الإنسان الداعي أو ( الداعية ) الذي يتولى مهمة القيام بها وتبليغها إلى الآخرين . وفيما يلي إشارةٌ إلى نوعين رئيسيين من الدعاة هما : 

= الداعية الناطق الذي يدعو إلى الله تعالى بالقول ، فهو يُخاطب المدعوين ، ويُحدثهم ، ويعظُهم ، ويُرشدهم ، ويُعلمهم ، وينصحهم ، ويُناقشهم ، ويُحاورهم ، ويستمع إليهم ، ويُجيب على تساؤلاتهم واستفساراتهم ، سواءً أكان ذلك في الجوامع ، أو المدارس ، أو النوادي ، أو أماكن العمل ، أو أماكن التجمعات ، أو عبر وسائل الإعلام وما في حُكمها من المنابر الأُخرى في أي زمانٍ وكل مكان . 

= الداعية الصامت الذي تكون دعوته إلى الله تعالى بالفعل والقدوة والتطبيق ، فيكون ناطقًا بفعله وسلوكه ، وناطقًا بكل حركةٍ أو سكنةٍ في حياته ، فهو يقوم بمهمة الدعوة إلى الله تعالى في صمتٍ وهدوء ، ويُمارسها في الخفاء من خلال ما يسّره الله تعالى له من الإمكانات والوسائل المختلفة التي يمكن له من خلالها أن يؤدي واجب الدعوة إلى الله تعالى على الوجه المطلوب . 

ولأن ما يقوم به الداعية الناطق معلومٌ ومعروف ولا يكاد يخفى على أحدٍ من أبناء المجتمع ؛ فإنني سأتحدث اليوم عن بعض الأمثلة للمهام الدعوية التي يُمكن للداعية الصامت أن يقوم بها والتي يأتي من أبرزها : 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال حُسن الالتزام ، واستقامة السلوك ، وصدق الانتماء إلى الدين الحنيف وأهله ، والقيام بمهمة الأمر بالمعروف بـالمعروف ، والنهي عن المنكر بلا منكر ، والحرص على تعظيم شعائر الله واحترام تعاليم الدين وتشريعاته وإرشاداته وتوجيهاته . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال شبكة الإنترنت ووسائلها المختلفة بنشر ما يمكن أن يكتبه الإنسان من الموضوعات ، والمقالات ، والنصائح ، والمواعظ ، وما في حُكمها في مختلف المواقع والمنتديات وما في حُكمها لتكون أمام نواظر القراء في كل مكان ، فلعل الله تعالى أن ينفع بها قارئًا أو سامعًا أو مُشاهدًا . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال الاجتهاد في إرسال الجيد والمناسب من الرسائل النافعة ، والنصائح المؤثرة ، والأذكار اليومية ، والمعلومات المفيدة التي يطّلع عليها الإنسان أو يتصفحها ، إلى الإخوان والأصدقاء والمعارف وغيرهم عبر خدمة الرسائل الإلكترونية ، وهنا لا بُد من التنبه إلى أن على المُرسل ضرورة التأكد من صدق محتوى ما يُرسل عبر بريده ، وعدم تعارضه مع تعاليم الدين الحنيف ، أو مخالفته لمبادئ الدين أو منافاته لقيم التربية الإسلامية وأخلاقها الكريمة ، وأن يكون خاليًا من الكذب ، أو سوء الظن ، أو الشك و الريبة ، أو الشبهة ، أو نحو ذلك مما تكتظ به الساحة في هذا الزمن ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال الحرص على نشر وتوزيع روابط المواقع المفيدة ، أو الصفحات الدينية ، أو المنتديات الموثوقة طمعًا في نشر الخير وتعميمه وتوسيع دائرته ، واحتساب الأجر في ذلك من الله تعالى ، ولاسيما أن الدّال على الخير كفاعله كما جاء في الحديث الشريف .

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال إرسال الرسائل الدعوية المؤثرة في النفوس ، والمشتملة على بعض الآيات البينات ، والأحاديث النبوية الصحيحة ، والأقوال المأثورة ، والمثال المشهورة ، ومقولات العلماء وحِكمهم ، والأبيات الشعرية ، ومقاطع اليوتيوب ، والفلاشات الدعوية ، ولاسيما تلك التي لها صلةٌ ببعض المناسبات الدينية ، أو الأحداث اليومية ، أو المواقف الحياتية التي يعيشها الإنسان بعفويةٍ في واقع حياته . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال توظيف مختلف الوسائل التقنية كرسائل الهاتف الجوال ، أو البريد الإليكتروني ، وما في حُكمها في التذكير بمواسم الخير والمناسبات الدينية التي قد يغفل عنها كثيرٌ من الناس في زحمة الاشتغال بمجريات الحياة اليومية ، ويأتي من أبرز الأمثلة على ذلك : التذكير بصيام الأيام البيض ( الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ) من كل شهرٍ قمري ، وصيام يوم عرفة ، وصيام يوم عاشوراء ، وصيام الاثنين والخميس من كل أسبوع ، وفضيلة الاستكثار من الطاعات والعبادات والقُربات خلال الأيام العشر من ذي الحجة ، واغتنام أيام التشريق ( الحادي عشر ، والثاني عشر ، والثالث عشر من شهر ذي الحجة ) في الطاعات ، وفضيلة الإكثار من الصلاة والسلام على النبي محمدٍ ( صلى الله عليه وسلم ) وبخاصةٍ في يوم وليلة الجمعة ، ونحو ذلك مما جاء الحث على اغتنامه والحرص على الإكثار منه قولاً وعملاً . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال التذكير بمواعيد المحاضرات والدروس الدعوية والندوات ونحوها في الجوامع ، والنوادي ، والمدارس ، والجمعيات ، وغيرها من المؤسسات الاجتماعية ، والإعلام عن عناوينها ، وأوقاتها ، وأمكنتها ، وأصحابها ، ونحو ذلك مما فيه دلالةٌ على الخير أو الإرشاد إليه .

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال تقديم النصائح اللطيفة ، والمواعظ الصادقة للأهل والإخوان والأصدقاء وغيرهم من أبناء المسلمين . أو الإنكار اللطيف لبعض المظاهر الخاطئة والمنكرات الحادثة دونما شدةٍ أو تجريحٍ أو تعنيفٍ سواءً أكان ذلك من خلال التذكير ببعض الفتاوى ، أو من خلال أقوال العُلماء التي تُحذر من تلك المظاهر و تنهى عن ما فيها من المنكرات بالقول الطيب اللين والحجة القوية الدامغة التي تقبلها العقول وتتأثر بها النفوس . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال التذكير بأهمية الإكثار من الاستغفار ، وضرورة العودة العاجلة إلى الله تعالى ، والترغيب في التوبة الصادقة إليه سبحانه ، والتذكير بالدار الآخرة ، وضرورة الاتعاظ بمن سبقنا إليها من الآباء والأُمهات ، والأبناء والبنات ، والإخوان والأخوات ، والأقارب والقريبات ، والأصدقاء والصديقات ، وغيرهم ممن عرفناهم أو لم نعرفهم من عباد الله في كل زمانٍ ومكان . 

= الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإكثار من الدعاء الصالح للمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات ، والاستغفار لهم ، ومحبة الخير للحاضر منهم والغائب ، وبذل النُصح والتوجيه لهم ، والتصدق عليهم ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر ، واللين في التعامل معهم ، وإحسان الظن بهم ، وستر عيوبهم ، والاجتهاد في أداء حقوقهم ، والحرص على القيام بواجباتهم ، إلى غير ذلك مما يكون في الجُملة إحسانًا لهم ، وحُسن تعامُلٍ معهم . 
وبعد : فإن من فضل الله تعالى وعظيم كرمه أن جعل للخير أبوابًا كثيرةً وسُبلاً متعددة ، وهذا يعني أن بإمكان الإنسان المسلم أن يخدم دين الله تعالى بما شاء من قولٍ جميلٍ ، أو عملٍ نافعٍ ، أو نية صالحة . كما أن بإمكان كل فردٍ أن يُمارس مهمة الدعوة إلى الله تعالى في كل مكانٍ وأي زمان . وأن ينشر ما يُحب نشره من الخير إلى مشارق الأرض ومغاربها بكل يسرٍ وسهولةٍ ، ودونما عنتٍ أو مشقة ، وأن يُسهم في تبليغ تعاليم الدين وشريعته وآدابه وفضائله ، ودلالة الآخرين إليها في أي ساعةٍ من ليلٍ أو نهار . 

وختامًا ؛ فإن على كل فردٍ منا ذكرًا كان أم أنثى ، عالمًا أم متعلمًا ، كبيرًا أم صغيرًا ، رئيسًا أم مرؤوسًا ، أن تكون له بصمته الخاصة في مهمة الدعوة إلى الله تعالى حتى لا يُحرم من أجر وثواب القيام بهذه المهمة العظيمة ، وحتى يكون - بإذن الله - ممن وصفهم الحق سبحانه بقوله : { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ } ( سورة فُصلت : 33 ) . 
وفق الله الجميع لصالح القول ، وجميل العمل ، وصادق النية ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الداعية الناطق والداعية الصامت
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى منطقة القصيم :: ملتقى القصيم :: ملتقى الشئون الاسلاميه-
انتقل الى: